مهاب القروي: إصلاحات 'موجعة' في برنامج الحكومة.. فمن يتحمّل مسؤوليتها؟
تحدّث عضو منظمة "أنا يقظ" مهاب القروي، خلال استضافته في برنامج "ميدي شو" اليوم 5 جانفي 2022، عن برنامج الإصلاحات الذي أعدته رئاسة الحكومة استعدادا للتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول الإعتمادات الماليّة لسنة 2022 وصولا إلى سنة 2026.
وأكّد أنّ الحكومة انتهجت في إعداد هذا البرنامج منهجا سرّيا، حيث كُتب على صفحته الأولى كلمة "سرّي / Confidentiel"، مضيفا أنّ الوثيقة تحتوي على 50 صفحة باللغة الفرنسية، ويتناول جزءها الأوّل "تشخيص الوضع الاقتصادي وأسباب تدهوره"، أمّا الجزء للثاني فقد تضمن "الحلول" الممكنة للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد وذلك من خلال الانتدابات ودعم المحروقات على سبيل المثال.
وانتقد القروي في هذا السياق، عدم تشريك الخبراء والمجتمع المدني والفاعلين السياسين في إعداد هذا البرنامج، مشيرا إلى أنّ الوثيقة تقّر بأنّه تمت استشارة 80 إطارا ساميّا في الدولة فقط.
وقال "من ناحية الشكل رئاسة الحكومة لماذا قرّرت أن تكون هذه الوثيقة سرية؟ سرّية عن من؟"، مضيفا "مما لا شكّ فيه أنّ حكومة نجلاء رمضان بودن هي حكومة قيس سعيّد إذن وعود بودن تلزّم بالضرورة سعيّد، فلماذا لا يتوجه الرئيس إلى شعبه بخطاب ويصارحه بهذه الإصلاحات؟".
وتابع "على رئيس الدولة أن يعلم أنّ شعار "الشعب يريد" الذي اعتمده يعني أنّ الشعب لا يريد الغُرف المظلمة ولا يريد أن تُتخذ القرارات التي تحدّد مصيريه في السرّ.. من يضمن أنّ الحكومة القادمة ستعترف بما أمضته الحكومة الحالية".
وأكّد أنّ قانون المالية لسنة 2022 مرتبط بهذا البرنامج الذي يمتد على 4 سنوات، واصفا إيّاه بـ "آخر جرعة مخدّر قبل العملية الجراحية".
وفي هذا الإطار، كشف مهاب القروي أنّ برنامج الحكومة "السرّي" يحتوي جملة من "الإصلاحات للخروج من الأزمة" كما يحلو للحكومة التونسيّة تسميتها، من بينها رفع الدعم عن المواد الأساسية، قائلا إنّ خبيرا اقتصاديا قام بدراسة أسعار المواد الأساسية بعد رفع الدعم، وخلُص إلى أنّ الأسعار ستصبح دون دعم كالتالي: سعر الباقات من 190 مليم إلى 456 مليم، سعر الخبز من 230 مليم إلى 760 مليم، الفرينة بـ 1400 مليم، الكسكسي بـ 3400، لتر الحليب من 1350 مليم إلى 2000 مليم، ولتر البنزين الخالي من الرصاص سيصبح بـ 2700 ...
"أنا يقظ" تكشف تفاصيل برنامج الحكومة للتفاوض مع النقد الدولي
وتجدر الإشارة إلى أنّ منظّمة أنا يقظ كشفت، في بيان لها يوم الإثنين 3 جانفي، أنّها تحصلت على نسخة من البرنامج الذي أعدته رئاسة الحكومة استعدادا للتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول الإعتمادات الماليّة لسنة 2022 وصولا إلى سنة 2026.
حيث يتضمّن برنامج الحكومة جملة من "الإصلاحات للخروج من الأزمة تتعلق أساسا بتجميد الزيادة في الأجور في القطاع العام بين سنة 2022 و2024 إلى جانب تجميد الإنتداب في الوظيفة العموميّة والقطاع العام.
إضافة إلى التخلي عن الديون العموميّة المتخلّدة بذمة المؤسسات العموميّة ومراجعة سياسة الدولة في علاقة بمساهماتها في رؤوس أموال المؤسسات العمومية "غير الإستراتيجية" وصولا إلى التفويت فيها (بداية من 2022) والرّفع التدريجي في الدّعم على المحروقات إلى أن تبلغ سعرها الحقيقي (2022-2026) والترفيع في معاليم استغلال الكهرباء والغاز ووضع منظومة الكترونية تسمح بالتسجيل والتصرف في التحويلات المالية للفئات المعنية بتلقي التعويض عن رفع دعم المواد الأساسية ابتداء من سنة 2023.
كما توضّح الوثيقة التي تحصلت عليها منظمة أنا يقظ مصادر تمويل عجز الميزانية لم يتم الإعلان عنها سابقا كوعود بتمويل من المملكة العربيّة السعوديّة بقيمة 2900 مليون دينار والضمان الأمريكي مشروطة بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وذكّرت منظمة أنا يقظ رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان بما جاء في خطابها الأوّل والوحيد الموجّه للشعب التونسي خلال جلسة أداء اليمين للحكومة من وعود تعلّقت "باستعادة الثقة في الدولة وإعادة الأمل وتحسين ظروف العيش والمقدرة الشرائيّة للمواطنين" فكيف لبرنامج الحكومة المعدّ في الغرف المظلمة أن يترجم "العمل من أجل مصلحة تونس والإستجابة لمطالب شعبها"؟ والحال وأنّ الحكومة تنتهج نهج التعتيم وتفصح لصندوق النقد الدولي عما تخفيه عن شعبها، وفق نصّ البيان.